مُعجِزة نوح عليه السّلام
بعد أن دعا نوح -عليه السّلام- قومه إلى الإيمان بالله ولم يؤمنوا به -رغم أنّه أطال العهد فيهم- حينها أمره الله -سبحانه وتعالى- بصنع سفينةٍ ليحمل فيها مَن آمن معه، وقد كانت تلك السفينة من المُعجِزات التي أعطاها الله سبحانه وتعالى لنوح عليه السّلام؛ حيث كانت في حينها سابقةً لم يشهد لها الناس مثيلاً، كما أنّ لها من الخصائص ما يميّزها عن غيرها من السُّفن التي جاءت بعدها، فكيف لسفينة مثلها أن تسير في البحر تتلاطمها الأمواج دون أن تتحطّم أو تغرق، وتنجو بمن عليها من البشر والدّواب! قال تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ)، ومن إعجاز تلك السفينة كذلك أنّ جميع من لم يركب فيها أغرقه الطوفان حتّى لو التجأ إلى مكانٍ بعيد اعتقد أنه سُينجيه من الطوفان، فلم ينجُ إلا من ركب السفينة ممّن آمن من قوم نوح عليه السّلام، وذلك بحدِّ ذاته إعجازٌ منقطع النظير لا يمكن تخيُّله أو حتى تصوّر الميزات التي احتوتها تلك السفينة، حتّى جعلتها غير قابلة للتحطّم أو الغرق، مع أنّها مصنوعةٌ من الأخشاب.
مُعجِزة صالح عليه السّلام
تميّز نبي الله صالح -عليه السّلام- بمُعجِزةٍ لم يُعطَ أحدٌ غيره من الناس مثلها، كغيره من أنبياء الله الذين آتاهم الله ممّا عنده من الأمور الخارقة للعادات، فقد أيّد الله -سبحانه وتعالى- نبيّه صالحاً بناقة؛ أخرجها الله لقوم صالح من الصّخر، بعد أن طلبوا منه ذلك حتى يصدّق نبوّته وما جاءهم به من عند الله، ورغم أنّ مجرد إخراج الناقة من صخرة صمّاء يُعدّ مُعجِزةً بحدّ ذاتها إلا إن تلك الناقة كانت في جميع تفاصيلها مُعجزةً؛ حيث كان من إعجازها أن خُصِّص لها شرب يوم من النبع الذي يشرب منه قوم صالح، فتشرب بقدر ما يشرب قوم صالح جميعهم، بينما كان لقومه شرب يومٍ آخر غير يوم شرب الناقة، وكان من إعجازها كذلك أن تعطيهم يوم شربها لبناً ليشربوه بقدر ما أخذت من نبعهم فيكفيهم ذلك اليوم، حتّى عقرها أحدهم بعد مؤامرةٍ دبّرها القوم لأجل ذلك، فعذّبهم الله بفعلتهم.
مُعجِزة سيّدنا إبراهيم عليه السّلام
بعد أن دعا سيّدنا إبراهيم -عليه السّلام- قومه إلى عبادة الله وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام، وحاجَجَهم لأجل ذلك بكل الوسائل والسُّبل، كذّبوه وآذوه، فحطّم أصنامهم ليُثبت لهم ضعفها وقلّة حيلتها، وأنها مجرّد حجارة لا تضرّ ولا تنفع، فلمّا عجز القوم عن دفع حجج إبراهيم الكثيرة والتي توافق جميعها المنطق وتخالف ما يعتقدون، حينها أجمعوا على حرقه بالنار حتى لا تتضرّر آلهتهم التي أصبح إبراهيم يُهدّدها بدعوته الحقة، قال تعالى في وصف حالهم: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ*قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ).
ولحرق سيّدنا إبراهيم عليه السّلام، جمع قوم إبراهيم حطباً كثيراً، ثمّ جعلوا ذلك الحطب في حفرة عميقةٍ من الأرض، وأشعلوا النار فيها، فكان لهيبها مرتفعاً جداً، وشررُها من عِظمه يتطاير، ثمّ وضعوا إبراهيم -عليه السّلام- في منجنيقٍ؛ مخافة أن يصيبهم شررها أو حرُّها الشديد، وألقوه في النار، فقال حينها: (حسبي الله ونعم الوكيل)، وقد أتاه جبريل وهو في الهواء، فقال له: (ألك حاجة؟ فقال: أمَّا إليك فلا، وأمّا من الله فبلى)، حينها جاءت المُعجِزة الإلهيّة لإبراهيم بقول الله تعالى: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)، فلم تحرقه تلك النار على عِظَمها وشدّة حرِّها، ولم تحرق سوى وَثاقِه الذي ربطوه به، فكانت تلك المُعجِزة خرقاً لجميع الأعراف والعادات؛ إذ إنّ من الطبيعي أن تحرق النار جميع ما تلمسه أو تقترب منه، لكنها لم تؤذِ إبراهيم مجرّد إيذاء.